الجمعة، 18 مارس 2016

كونوا مجاهيل

وسط تزاحم الأدوار .. وتراكم المناصب.. وتكتل المسؤوليات..
هاجسنا إثبات أنفسنا! نريد جعل بصمةٍ خاصةٍ لنا، وحضورٍ لافت، وسمعة طيبة، وأثر جليّ في مجتمعٍ يمجّد من يحظى بأكبر بقعةٍ من الضوء، وينسى أولئك المجاهيل في عتمة الزوايا..
.
.
كم مرة فكرنا أن نثبت أنفسنا عند أهل السماء؟
كم مرة سألنا أنفسنا كيف هي سمعتنا هناك؟ 
ومن منا يأبه بماذا يذكره عنه أهل السماء، كما يأبه لأهل الأرض؟
.
تأملوا معي أحاديث من لا ينطق عن الهوى..
(طوبى لعبدٍ آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع )..
 قال ابن حجر: “فيه ترك حب الرئاسة والشهرة وفضل الخمول والتواضع”
وكان ابن مسعود يوصي أصحابه فيقول: ” كونوا ينابيع العلم مصابيح الهدى أحلاس البيوت سرج الليل جدد القلوب خلقان الثياب . تُعرفون في أهل السماء، وتخفون في أهل الأرض”.
.
اعرف أين تصرف طاقتك.. قدّر خلواتك.. أثبت نفسك عند أهل السماء.. اتخذ هناك منصباً وحدد لنفسك أهدافاً واستغل كل ما قدرت عليه من الفرص..
هناك من يجب أن تكون معروفاً.. إذا دعوت تألف صوتك الملائكة فيقولون صوت معروف فاستغفروا له..
من هناك تنتظر التقدير.. وتهمك السمعة.. وتسعى لنيل أقرب المنازل وأعلى الرتب..
.
إن منافاة الإنسان لفطرته في حبه للظهور وحظيه بالمدح ونشوته في الأخذ والكسب؛ لهو أعظم الجهاد في الزهد، والتنازل في سبيل رب العالمين..
اللهم اجعلنا ممن جمع الحسنيين فكنا مقبولين في أهل السماء، محمودٌ ذكرنا، مجابةٌ دعوتنا.. وفي الأرض مفاتيح للخير مغاليق للشر، معينون لخلقك محسنون إلى عبيدك..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق