الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

شرح مبسط للأربعين النووية -الحديث 30-




- شرح مبسط للأربعين النووية -
(الحديث الثلاثون )

عَنْ أَبِيْ ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ جُرثُومِ بنِ نَاشِرٍ رضي الله عنه عَن رَسُولِ اللهِ صل الله عليه وسلم قَالَ:
(إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودَاً فَلا تَعْتَدُوهَا وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا)

------
الشرح :

-" فَرَضَ" أي أوجب قطعاً، لأنه من الفرض وهو القطع.

-" فَرَائِضَ" ولا نقول: ( فرائضاً) لأنها اسم لا ينصرف من أجل صيغة منتهى الجموع.

-" فَرَضَ فَرَائِضَ" مثل الصلوات الخمس، والزكاة، والصيام،والحج،وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ومالا يحصى.

-" فَلا تُضَيِّعُوهَا" أي تهملوها فتضيع ، بل حافظوا عليها.

-"وَحَدَّ حُدودَاً فَلا تَعتَدوها" قيل:إن المراد بالحدود الواجبات والمحرمات.
فالواجبات حدود لا تُتعدى، والمحرمات حدود لا تقرب.

-"فَلا تَنتَهِكوهَا" أي فلا تفعلوها، مثل :الزنا، وشرب الخمر، والقذف، وأشياء كثيرة لا تحصى.

-"وَسَكَتَ عَنْ أَشيَاء رَحمَةً لَكُمْ غَيرَ نسيَان فَلا تَبحَثوا عَنهَا"
سكت عن أشياء أي لم يحرمها ولم يفرضها.
قال: سكت بمعنى لم يقل فيها شيئاً ، ولا أوجبها ولا حرمها.

-وقوله: "غَيْرَ نسيَان" أي أنه عزّ وجل لم يتركها ناسياً
( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً)
ولكن رحمة بالخلق حتى لا يضيق عليهم.

-"فَلا تَبحَثوا عَنهَا" أي لا تسألوا، أي لا تُنَقِّبُوا عنها،بل دعوها.
ومنها
لا نبحث عن مسائل الغيب ونتعمق فيها، ولا نبحث في صفات الله عزّ وجل عن كيفيتها، لأن هذا من التعمق، ولا نأتي بمعضلات المسائل التي فيها: أرأيت إن كان كذا، ولو كان كذا، ولو كان كذا كما يوجد من بعض طلبة العلم الآن، يوجد أناس يفرضون مسائل ليست واقعة ولن تقع فيما يظهر، ومع ذلك يسألون ، وهم ليسوا في مكان البحث، بل يسألون سؤالاً عاماً، فهذا لا ينبغي.

-----
مسائل

1-إن قال قائل: هل الفرض والواجب بمعنى واحد، أو الفرض غير الواجب؟

فالجواب:أما من حيث التأثيم بترك ذلك فهما واحد.

وأما من حيث الوصف:هل هذا فرض أو واجب؟ فقد اختلف العلماء- رحمهم الله- في هذا ، فقال بعضهم:
الفرض ما كان دليله قطعياً، والواجب ما كان دليله ظنياً.
وقال آخرون: الفرض ما ثبت بالقرآن، والواجب ما ثبت بالسنة.

وكلا القولين ضعيف، والصواب: أن الفرض والواجب بمعنى واحد، ولكن إذا تأكد صار فريضة، وإذا كان دون ذلك فهو واجب، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة .

2-انتفاء النسيان عن الله عزّ وجل، لقوله "غَيرَ نسيَان" وقد جاء ذلك في القرآن الكريم،فقال الله عزّ وجل: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً)

فإن قال قائل: ما الجواب عن قول الله تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)(التوبة: الآية67) فأثبت لنفسه النسيان؟

فالجواب:أن المراد:النسيان هنا نسيان الترك، يعني تركوا الله فتركهم. فهؤلاء تعمدوا الشرك وترك الواجب، ولم يفعلوا ذلك نسياناً.
إذاً: (نَسُوا اللَّهَ) أي تركوا دين الله (فَنَسِيَهُمْ) أي فتركهم.

أما النسيان الذي هو الذهول عن شيء معلوم فهذا لا يمكن أن يوصف الله عزّ وجل به، بل يوصف به الإنسان،لأن الإنسان ينسى، ومع ذلك لا يؤاخذ بالنسيان لأنه وقع بغير اختيار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق